فصل: القراءات والوقوف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ولما ذكر ذلك، علله بما ثمرته عمارة الأرض فقال: {ليتخذ} أي بغاية جهده {بعضهم بعضًا} ولما كان المراد هنا الاستخدام دون الهزء لأنه لا يليق التعليل به، أجمع القراء على ضم هذا الحرف هنا فقال: {سخريًا} أي أن يستعمله فيما ينوبه أو يتعسر أو يتعذر عليه مباشرته ويأخذ للآخر منه من المال ما هو مفتقر إليه، فهذا بماله، وهذا بأعماله، وقد يكون الفقير أكمل من الغني ليكمل بذلك نظام العالم لأنه لو تساوت المقادير لتعطلت المعايش، فلم يقدر أحد أن ينفك عما جعلناه إليه من هذا الأمر الدنيء فكيف يطمعون في الاعتراض في أمر النبوة، أيتصور عاقل أن يتولى قسم الناقص ونكل العالي إلى غيرنا، قال ابن الجوزي: فإذا كانت الأرزاق بقدر الله لا بحول المحتال وهي دون النبوة فكيف تكون النبوة- انتهى.
وهذا هو المراد بقوله تعالى صارفًا القول عن مظهر العظمة والسلطان إلى الوصف بالإحسان إظهارًا لشرف النبي صلى الله عليه وسلم: {ورحمة ربك} أي المربي لك والمدبر لأمرك بإرسالك وإنارة الوجود برسالتك التي هي لعظمتها جديرة بأن تضاف إليه ولا يسمى غيرك رحمة {خير مما يجمعون} من الحطام الفاني فإنه وإن تأتي فيه خير باستعماله في وجوه البر بشرطه، فهذا بالنسبة إلى النبوة، وما قارنا مما دعا إلى الإعراض عن الدنيا متلاش. اهـ.

.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{سقفًا} بالفتح فالسكون: ابن كثير وأبو عمرو ويزيد. الباقون: بضمتين على الجمع كرهن ورهن. قال أبو عبيدة: لا ثالث لهما (لما) بالتشديد: عاصم وحمزة بمعنى إلا فـ: {إن} نافية. الآخرون: بالتخفيف فـ: (إن) مخففة واللام فارقة كما مر في آخر هود {يقيض} على الغيبة والضمير للرحمن: يعقوب وحماد. الآخرون: بالنون {جاءنا} على الوحدة والضمير للعاشي: حمزة وعلي وخلف وعاصم غير أبي بكر وحماد ويعقوب. الباقون: بألف التثنية والضمير للعاشي والقرين {أنكم في العذاب} بالكسر: ابن مجاهد والنقاش عن ابن ذكوان {أيه الساحر} بضم الهاء مثل {أيه المؤمنون} وقد مر في (النور) {تحتي} بفتح الياء: أبو عمرو وابن كثير ونافع وأبو جعفر {أسورة} كأجربة: حفص وسهل ويعقوب. الآخرون {أساورة} كأشاعرة وهو جمع أسوار بمعنى السوار. وأصله أساوير. إلا أنه عوض من الياء هاء في آخره {سلفًا} بضمتين: حمزة وعلي وهو جمع سليف. الباقون: بفتحتين جمع سالف كخادم وخدم.

.الوقوف:

{عظيم} o {رحمت ربك} ط {سخريًا} ط {يجمعون} o {يظهرون} o لا {يتكئون} o لا {وزخرفًا} ط {الدنيا} للمتقين o {قرين} o {مهتدون} o {القرين} o {مشتركون} o {مبين} o {منتقمون} o لا {مقتدرون} o {إليك} ط لاحتمال التعليل {مستقيم} o {ولقومك} ج للتعليق مع سين التهديد {تسئلون} o {يعبدون} o {العالمين} o {يضحكون} o {من أختها} ز لنوع عدول {يرجعون} o {لمهتدون} o {ينكثون} o {تحتي} ج للاستفهام مع اتحاد الكلام {تبصرون} o لأن (أم) منقطعة {مقترنين} o {فأطاعوه} ط {فاسقين} o {أجميعن} o {للآخرين} o. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{وَإِذْ قال إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26)}.
اعلم أنه تعالى لما بيّن في الآية المتقدمة أنه ليس لأولئك الكفار داع يدعوهم إلى تلك الأقاويل الباطلة إلا تقليد الآباء والأسلاف، ثم بيّن أنه طريق باطل ومنهج فاسد، وأن الرجوع إلى الدليل أولى من الاعتماد على التقليد، أردفه بهذه الآية والمقصود منها ذكر وجه آخر يدل على فساد القول بالتقليد وتقريره من وجهين: الأول: أنه تعالى حكى عن إبراهيم عليه السلام أنه تبرأ عن دين آبائه بناء على الدليل فنقول: إما أن يكون تقليد الآباء في الأديان محرمًا أو جائزًا، فإن كان محرمًا فقد بطل القول بالتقليد، وإن كان جائزًا فمعلوم أن أشرف آباء العرب هو إبراهيم عليه السلام، وذلك لأنهم ليس لهم فخر ولا شرف إلا بأنهم من أولاده، وإذا كان كذلك فتقليد هذا الأب الذي هو أشرف الآباء أولى من تقليد سائر الآباء، وإذا ثبت أن تقليده أولى من تقليد غيره فنقول إنه ترك دين الآباء، وحكم بأن اتباع الدليل أولى من متابعة الآباء، وإذا كان كذلك وجب تقليده في ترك تقليد الآباء ووجب تقليده في ترجيح الدليل على التقليد، وإذا ثبت هذا فنقول: فقد ظهر أن القول بوجوب التقليد يوجب المنع من التقليد، وما أفضى ثبوته إلى نفيه كان باطلًا، فوجب أن يكون القول بالتقليد باطلًا، فهذا طريق رقيق في إبطال التقليد وهو المراد بهذه الآية.
الوجه الثاني: في بيان أن ترك التقليد والرجوع إلى متابعة الدليل أولى في الدنيا وفي الدين، أنه تعالى بيّن أن إبراهيم عليه السلام لما عدل عن طريقة أبيه إلى متابعة الدليل لا جرم جعل الله دينه ومذهله باقيًا في عقبه إلى يوم القيامة، وأما أديان آبائه فقد اندرست وبطلت، فثبت أن الرجوع إلى متابعة الدليل يبقى محمود الأثر إلى قيام الساعة، وأن التقليد والإصرار ينقطع أثره ولا يبقى منه في الدنيا خير ولا أثر، فثبت من هذين الوجهين أن متابعة الدليل وترك التقليد أولى، فهذا بيان المقصود الأصلي من هذه الآية، ولنرجع إلى تفسير ألفاظ الآية.
أما قوله: {إِنَّنِى بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ} فقال الكسائي والفرّاء والمبرد والزجاج {بَرَاء} مصدر لا يثنى ولا يجمع مثل عدل ورضا وتقول العرب أنا البراء منك والخلاء منك ونحن البراء منك والخلاء ولا يقولون البراآن ولا البراؤن لأن المعنى ذوا البراء وذوو البراء فإن قلت برىء وخلى ثنيت وجمعت.
ثم استثنى خالقه من البراءة فقال: {إِلاَّ الذي فَطَرَنِي} والمعنى أنا أتبرأ مما تعبدون إلا من الله عزّ وجلّ، ويجوز أن يكون إلا بمعنى لكن فيكون المعنى لكن الذي فطرني فإنه سيهدين أي سيرشدني لدينه ويوفقني لطاعته.
واعلم أنه تعالى حكى عن إبراهيم عليه السلام في آية أخرى أنه قال: {الذى خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} [الشعراء: 78] وحكى عنه ههنا أنه قال: {سَيَهْدِينِ} فأجمع بينهما وقدر كأنه قال: فهو يهدين وسيهدين، فيدلان على استمرار الهداية في الحال والاستقبال {وَجَعَلَهَا} أي وجعل إبراهيم كلمة التوحيد التي تكلم بها وهي قوله: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مّمَّا تَعْبُدُونَ} جاريًا مجرى لا إله وقوله: {إِلاَّ الذي فَطَرَنِي} جاريًا مجرى قوله إلا الله فكان مجموع قوله: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مّمَّا تَعْبُدُونَ إِلاَّ الذي فَطَرَنِي} جاريًا مجرى قوله لا إله إلا الله ثم بيّن تعالى أن إبراهيم جعل هذه الكلمة باقية في عقبه أي في ذريته فلا يزال فيهم من يوحد الله ويدعو إلى توحيده {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} أي لعل من أشرك منهم يرجع بدعاء من وحد منهم، وقيل وجعلها الله، وقرىء كلمة على التخفيف وفي عقيبه.
ثم قال تعالى: {بَلْ مَتَّعْتُ هؤلاء وَءَابَاءَهُمْ} يعني أهل مكة وهم عقب إبراهيم بالمد في العمر والنعمة فاغتروا بالمهلة واشتغلوا بالتنعم واتباع الشهوات وطاعة الشيطان عن كلمة التوحيد {حتى جَاءَهُمُ الحق} وهو القرآن {وَرَسُولٌ مُّبِينٌ} بين الرسالة وأوضحها بما معه من الآيات والبينات فكذبوا به وسموه ساحرًا وما جاء به سحرًا وكفروا به، ووجه النظم أنهم لما عولوا على تقليد الآباء ولم يتفكروا في الحجة اغتروا بطول الإمهال وإمتاع الله إياهم بنعيم الدنيا فأعرضوا عن الحق، قال صاحب (الكشاف): إن قيل ما وجه قراءة من قرأ {متعت} بفتح التاء؟ قلنا كأن الله سبحانه اعترض على ذاته في قوله: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً باقية فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} فقال بل متعتهم بما متعتهم به من طول العمر والسعة في الرزق حتى شغلهم ذلك عن كلمة التوحيد، وأراد بذلك المبالغة في تعييرهم لأنه إذا متعهم بزيادة النعم وجب عليهم أن يجعلوا ذلك سببًا في زيادة الشكر والثبات على التوحيد لا أن يشركوا به ويجعلوا له أندادًا، فمثاله أن يشكو الرجل إساءة من أحسن إليه ثم يقبل على نفسه فيقول أنت السبب في ذلك بمعروفك وإحسانك إليه، وغرضه بهذا الكلام توبيخ المسيء لا تقبيح فعل نفسه.
{وَقالوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا القرآن عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31)}.
اعلم أن هذا هو النوع الرابع: من كفرياتهم التي حكاها الله تعالى عنهم في هذه السورة، وهؤلاء المساكين قالوا منصب رسالة الله منصب شريف فلا يليق إلا برجل شريف، وقد صدقوا في ذلك إلا أنهم ضموا إليه مقدمة فاسدة وهي أن الرجل الشريف هو الذي يكون كثير المال والجاه ومحمد ليس كذلك فلا تليق رسالة الله به، وإنما يليق هذا المنصب برجل عظيم الجاه كثير المال في إحدى القريتين وهي مكة والطائف، قال المفسرون والذي بمكة هو الوليد بن المغيرة والذي بالطائف هو عروة بن مسعود الثقفي، ثم أبطل الله تعالى هذه الشبهة من وجهين الأول: قوله: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} وتقرير هذا الجواب من وجوه أحدها: أنا أوقعنا التفاوت في مناصب الدنيا ولم يقدر أحد من الخلق على تغييره فالتفاوت الذي أوقعناه في مناصب الدين والنبوّة بأن لا يقدروا على التصريف فيه كان أولى وثانيها: أن يكون المراد أن اختصاص ذلك الغنى بذلك المال الكثير إنما كان لأجل حكمنا وفضلنا وإحساننا إليه، فكيف يليق بالعقل أن نجلع إحساننا إليه بكثرة المال حجة علينا في أن نحسن إليه أيضًا بالنبوّة؟ وثالثها: إنا لما أوقعنا التفاوت في الإحسان بمناصب الدنيا لا لسبب سابق فلم لا يجوز أيضًا أن نوقع التفاوت في الإحسان بمناصب الدين والنبوّة لا لسبب سابق؟ فهذا تقرير الجواب، ونرجع إلى تفسير الألفاظ فنقول الهمزة في قوله: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} للإنكار الدال على التجهيل والتعجب من إعراضهم وتحكمهم أن يكونوا هم المدبرين لأمر النبوة، ثم ضرب لهذا مثالًا فقال: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي الحياة الدنيا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ درجات} وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
أنا أوقعنا هذا التفاوت بين العباد في القوة والضعف والعلم والجهل والحذاقة والبلاهة والشهرة والخمول، وإنما فعلنا ذلك لأنا لو سوينا بينهم في كل هذه الأحوال لم يخدم أحد أحدًا ولم يصر أحد منهم مسخرًا لغيره وحينئذ يفضي ذلك إلى خراب العالم وفساد نظام الدنيا، ثم إن أحدًا من الخلق لم يقدر على تغيير حكمنا ولا على الخروج عن قضائنا، فإن عجزوا عن الإعراض عن حكمنا في أحوال الدنيا مع قلتها ودناءتها، فكيف يمكنهم الاعتراض على حكمنا وقضائنا في تخصيص العباد بمنصب النبوة والرسالة؟.
المسألة الثانية:
قوله تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي الحياة الدنيا} يقتضي أن تكون كل أقسام معايشهم إنما تحصل بحكم الله وتقديره، وهذا يقتضي أن يكون الرزق الحرام والحلال كله من الله تعالى والوجه الثاني: في الجواب ما هو المراد من قوله: {وَرَحْمَتُ رَبّكَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ}؟، وتقريره أن الله تعالى إذا خص بعض عبيده بنوع فضله ورحمته في الدين فهذه الرحمة خير من الأموال التي يجمعها لأن الدنيا على شرف الانقضاء والانقرأض وفضل الله ورحمته تبقى أبد الآباد. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَإِذْ قال} أي ذكرهم إذ قال.
{إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ} البراء يستعمل للواحد فما فوقه فلا يتثنّى ولا يجمع ولا يؤنث؛ لأنه مصدر وضع موضع النعت؛ لا يقال: البراءان والبراءون، لأن المعنى ذو البراء وذوو البراء.
قال الجوهري: وتبرّأت من كذا، وأنا منه بَراء، وخَلاء منه لا يثنّى ولا يجمع لأنه مصدر في الأصل؛ مثل: سَمِع سَماعًا.
فإذا قلت: أنا بريء منه وخَلِيّ ثنّيتَ وجمعت وأنّثت، وقلت في الجمع: نحن منه بُرَاء مثل فقيه وفقهاء، وبِراء أيضًا مثل كريم وكِرام، وأبراء مثل شريف وأشراف، وأبرياء مثل نصيب وأنصباء، وبريئون.
وامرأة بريئة وهما بريئتان وهن بريئات وبرايا.
ورجل بريء وبُراء مثل عجيب وعجاب.
والبَراء (بالفتح) أول ليلة من الشهر، سميت بذلك لتبرؤ القمر من الشمس.
{إِلاَّ الذي فَطَرَنِي} استثناء متصل، لأنهم عبدوا الله مع آلهتهم.
قال قتادة: كانوا يقولون الله ربنا؛ مع عبادة الأوثان.
ويجوز أن يكون منقطعًا؛ أي لكن الذي فطرني فهو يهدين.
قال ذلك ثقةً بالله وتنبيهًا لقومه إن الهداية من ربه.
{وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28)}.
فيه ثلاث مسائل:
الأولى قوله تعالى: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً} الضمير في {جَعَلَهَا} عائد على قوله: {إِلاَّ الذي فَطَرَنِي}.
وضمير الفاعل في {جَعَلَهَا} للّه عز وجل؛ أي وجعل الله هذه الكلمة والمقالة باقية في عقبه، وهم ولده وولد ولده؛ أي إنهم توارثوا البراءة عن عبادة غير الله، وأوصى بعضهم بعضًا في ذلك.
والعقب من يأتي بعده.
وقال السدي: هم آل محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن عباس: قوله: {فِي عَقِبِهِ} أي في خلفه.
وفي الكلام تقديم وتأخير؛ المعنى فإنه سيهدين لعلهم يرجعون وجعلها كلمة باقية في عقبه.
أي قال لهم ذلك لعلهم يتوبون عن عبادة غير الله.
قال مجاهد وقتادة: الكلمة لا إله إلا الله.
قال قتادة: لا يزال من عقبه من يعبد الله إلى يوم القيامة.
وقال الضحاك: الكلمة أن لا تعبدوا إلا الله.
عكرمة: الإسلام؛ لقوله تعالى: {هُوَ سَمَّاكُمُ المسلمين مِن قَبْلُ} [الحج: 78].
القرظي: وجعل وصية إبراهيم التي وصّى بها بنيه وهو قوله: {يَابَنِيَّ إِنَّ الله اصطفى لَكُمُ الدين} [البقرة: 123] الآية المذكورة في البقرة كلمَةً باقية في ذريته وبنيه.
وقال ابن زيد: الكلمة قوله: {أَسْلَمْتُ لِرَبِّ العالمين} [البقرة: 131] وقرأ {هُوَ سَمَّاكُمُ المسلمين مِن قَبْلُ}.
وقيل: الكلمة النبوّة.
قال ابن العربي: ولم تزل النبوّة باقية في ذرية إبراهيم.
والتوحيد هم أصله وغيرهم فيه تبع لهم.
الثانية قال ابن العربي: إنما كانت لإبراهيم في الأعقاب موصولة بالأحقاب بدعوتيه المجابتين؛ إحداهما في قوله: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قال وَمِن ذُرِّيَّتِي قال لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظالمين} [البقرة: 124] فقد قال نعم إلا من ظلم منهم فلا عهد.
ثانيهما قوله: {واجنبني وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأصنام} [إبراهيم: 35].
وقيل: بل الأولى قوله: {واجعل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخرين} [الشعراء: 84] فكل أمة تعظمه، بنوه وغيرهم ممن يجتمع معه في سام أو نوح.
الثالثة قال ابن العربي: جرى ذكر العقب هاهنا موصولًا في المعنى، وذلك مما يدخل في الأحكام وترتب عليه عقود العُمْرَى والتحبيس.